الكاتبة ماما نيفين رجب تكتب: سلسلة حكايات جدو حمدي وأنة بثينة
القصة الأولى..
(القصاصات القديمة)
اِتَّفق الأصْدقاء على تَنظِيم : جَدوَل لِلْمذَاكرة اَلحُرة فِي النِّصْف الثَّاني مِن اَلْعام الدِّراسيِّ وَقَال أَحمَدُ :
– مِمَّا لََا شكَّ فِيه – إِنَّ كُل وَاحِد مِنَّا لََا يَقِل مُستوَاه اَلعلْمِي عن الدَّرجات اَلتِي حصلْنَا عليْهَا فِي اَلمُدة اَلأُولى مِن اَلْعام الدِّراسيِّ .
ورد ” مُحمَّدٌ :
– إِن شاء اَللَّه – خُلَاصَة القوْل إِنَّ نَجتَهِد ونبْذل كُلَّ جُهْدِنا ، وَأنَا عن نَفسِي أَبذُل كُلُّ جُهْدِي لِأكون مِن الأوائل .
وَقَال عليٌّ :
ـ أنَا بِجانب الدِّراسة . سأحاول أن أُنظِّم أَيَّام التَّدْريبات فِي فريق النَّادي .
قال أَحمَدُ:
ـ الجسْم اَلسلِيم فِي العقْل اَلسلِيم عني أنَا أَتمَنَّى أن أَحصُل على البطولة لِأَني سأحْصل على مَبلَغ مِن اَلْحال ِيساعدني فِي دِراسَتي .
قال مُحمَّدٌ:
– إِن شاء اَللَّه – تَكُون مِن أَفضَل اللَّاعبين.
وَقَال أَحمَدُ :
ـ هَيَّا بِنَا إِلى النَّادي وَفِي قُلوبِهم فَرحَة كَبِيرَة .
وَقَال مُحمَّدٌ :
ـ ” هذَا آخر يَوْم فِي الإجازة وغدًا يَبدَأ نِصْف اَلْعام الدِّراسيِّ اَلجدِيد يَجِب الاسْتفادة مِن يوْمنَا هذَا فِي اَللعِب.
قال أَحمَدُ:
ـ ولَا تَنسََ شِرَاء بَقيَّة المسْتلْزمات مِن الأدوات الدِّراسيَّة قَبْل أن يمرَّ الوقْتَ .
وَهنَا شَرَّد تَفكِير علىٍّ ، وَظهَر عليْه التَّوَتُّر وَعدَم التَّرْكيز مَعهُما ، فسأله أَحمَد :
ـ فِيمَا تَفكِّر يَا عَلِيُّ ؟
فَرْدَّ – بِكلِّ صَراحَة –
ـ فِي أَدوَات المدْرسة سَوْف تُسْتنْفَد كلَّ النُّقود المتبقِّية مَعْى .
فردَّا عليْه مُحمَّد وأحْمد فِي صَوْت وَاحِد وَبلَا تردد :
ـ لََا يُوجَد فَرْق بيْننَا ، سنشْتَري مَا نحْتاجه نَحْن الثَّلاثة وادْفع مَا تَستطِيع دَفعَه .
وَأَضاف مُحمَّدٌ :
ـ نَحْن إِخْوَة وأصْدقاء مُنْذ الطُّفولة فِي مَدْرَسة وَاحِدة .
وَقَال أَحمَدُ:
ـ ولَا تنْسوْا ، وفصْل وَاحِد وَتَذكَّر أنَّ والدك رَبنَا يرْحمه كان مِن أعزِّ أَصدِقاء وَالدِي.
وَقَال مُحمَّد :
ـ وَأنَا أُغيِّر مِنْك كثير يَا عَلِي لِأنَّ وَالدِي ووالدتي دائمًا يطْمئنُّان علىَّ لمُجرد معْرفتهما بِأَني سأخْرج معك ومع أَحمَد ، وبعْد كُلِّ هذَا يَجِب أَلَّا تَخجَل
وشاور مُحمَّد على نَفسِه وأكمل :
ـ مِن العدْل أن تَأخُذ أَنْت مِن نُقُود الدُّروس الخصوصيَّة . فِي الرِّياضيَّات وأبْتَسم وَأنَا أَعتَرف أَنِّي لَم أفْهمْهَا بَعْد اَلمُدرس إِلَّا مِنْك يَا عَلِيُّ .
وَضحِك الثَّلاثة ولعبوا وفرحوا اليوْم كُلُّه واتَّجهوا بَعْد ذَلِك إِلى المكْتبة لِشراء كُلِّ المسْتلْزمات الدِّراسيَّة ، وَفِي نِهاية اليوم اِتَّفقوا على المقابلة غدًا فِي المدْرسة وبعْد مُرُور أُسبُوع مِن الدِّراسة اِتَّفق علىٌّ مع أصْدقائه على حُضُور مُبارَاة سيشارك فِيهَا يَوْم اَلخمِيس بَعْد الانْتهاء مِن اليوْم الدِّراسيِّ و – بِالْفِعْل – ذهب مُحمَّد وأحْمد حَتَّى يُشَجعَا صديقهما اَلعزِيز على قَلبهِما علىَّ وفرحا بِتفوُّق علىٍّ بِجدارة وَتصفِيق الجمْهور لَه ، وَشكَر الكابتن لَه ، وقاما بِتهْنئته ، وَطلَب علىٌّ مِنْهما انتظاره حَتَّى يَخلَع مَلابِس المباراة .
وَقَال أَحمَد :
ـ أيَّ شَيْء مِن الكافيتريا بس أنَا جَائِع .
وقال مُحمَّد :
ـ وَأنَا أيْضًا لََا تَتَأخَّر يَا عَلِيُّ .
فَردَّ علىٌّ :
ـ دَقائِق وسأكون مَعكُما .
ولاحظ ” مُحمَّد وأحْمد ” دُخُول علىٍّ عَليهِما ، وَطلَب مَشرُوبًا دافئًا ؛ لِأَنه يَشعُر بِالْبَرْد اَلشدِيد ، فَضحِك أَحمَد وَقَال :
ـ دائمًا كُنْت أَسمَع أنَّ الرِّياضيَّ لََا يَشعُر بِالْبَرْد ، فَلذَلِك تصوَّرْتُ وأنْتَ تَدخُّل عليْنَا دُون بُلُوفر أنك أَصبَحت رِياضِيًّا عَالمِيًّا .
وضحكا وَلكِن مُحمَّد قال لَه :
ـ مَا بِك أَيْن البلوفر ارتدِه حَتَّى لََا تَشعُر بِالْبَرْد.
فَرْد علىٌّ:
لَمٍّ أَجدُه بَعْد الانْتهاء مِن المباراة ، أَعتَقد أنَّ أيْ زميل دُون قَصْد أو أَختَلط بِه الأمْر وتصوُّر أَنَّه يَخُصه ولكنَّني قُمْت بِتبْلِيغ الأمْن عَمَّا حدث .
وبعْد أَيَّام ذهب على مُرْتدِيًا بِلوفر مُخَالِف لِتعْليمات شرِّ اَلزي المدْرسيِّ ، فَقَال اَلمشْرِف له بِأنه يَجِب عليْه أن يَلتَزِم بِالَّزي المدْرسيِّ اَلصحِيح.
وقال أَحمَد لَعلىٍّ :
ـ ألم تَجِد البلوفر ؟
فَرْد عَلِي:
ـ مررت – أَكثَر مِن مَرَّة – على أَمْن الملاعب ولم يَعثُروا عليْه.
فَقَال لَه مُحمَّد :
ـ – إِن شاء اَللَّه – نَجِد حلًّا لتلك المشْكلة .
وَفِي المسَاء ذهب أَحمَدُ لِزيارة عليٍّ وَمعَه بِلوفر بِنَفس مُواصفات اَلذِي المدْرسيِّ وبعْد قليل دقِّ جرس اَلْباب ، وَوجَد مُحمَّد أمامة وَمعَه بِلوفر بِنَفس المواصفات المطْلوبة .
فَقَال عليٌّ :
ـ أَشكُركما على شُعورِكما اَلطبِيب ، وَلكِن أنَا لَم أَطلُب مِن أُمِّي حَتَّى لََا أَثقَل عليها بُعْد دَفْع اَلكثِير مِن مَصارِيف النِّصْف الثَّانية مِن اَلْعام الدِّراسيِّ والْأدوات المدْرسيَّة ونفْس هَذِه الطَّلبات تَتَكرَّر مع أُخْتِي لَبنِى ؟
فَربَّت أَحمَد على كَتفِه وَقَال لَه :
ـ دائمًا نَقُول إِنَّنا أُخوَّة وَهذَا تَصرُّف طَبيعِي مِني إِلى صَديقِي وَأخِي .
وَقَال مُحمَّدٌ :
ـ وهكذَا عِنْدمَا أَطلُب مِنْك أيَّ شَيْء وتشْعر بِأَني أَحتَاج أيُّ مُسَاعدَة تُبَادِر فِي اَلْحال لِمساعدتي ، لِماذَا تحْرمني أنَا أيْضًا مِن مُساعدتك؟؟
بَعْد الانْتهاء مِن الزِّيارة دخل عليٌّ حُجْرته لِيسْتكْمل اِسْتذْكار دُروسه ، وَوجَد أُختَه لَبنِى تخيط بَعْض الملابس لِعروستهَا وعنْدَمَا اِقترَب مِنهَا لِيطْلب مِنهَا تَرْك . اَللعِب والاهْتمام بِالْمذاكرة وجدهَا تُزيِّن مَلابِس العروسة بِبَعض القصاصات المتبقِّية عِنْدهَا مِن مَلابِس أُخرَى وبعْض الأغْراض المهْملة فِي اَلمنْزِل ، فَقَال لَهَا
:
ـ جميل مَا تَقومِين بِه مِن تَغيير شَكْل الملابس بِأغْراضي بَسِيطَة .
فَردَّت لُبنَى :
ـ هَكذَا تَشعرِينني بأَنهَا عَرُوسَة جَدِيدَة وترْتَدي أَحلَى الثِّيَاب .
وَهنَا فِكْر عليٌ فِي أن يُؤسِّس مَشرُوعًا صغيرًا يُسَاعِد بِه نَفسُه وأخْته لَبنِى حَتَّى لََا يكلِّف والدته شيئًا ولو كان بسيطًا ، وَتَذكَّر كَلَام جُدَّة حَمدِي الذي كان ينْصحه دائمًا – إِن شاء اَللَّه – عِنْدمَا تَجتَهِد وَتكُون مُخْلِصًا ستنْجح فِيمَا تَبدَأ والْمهمَّ الإخْلاص فِي العمل والتَّفْكير فِي شَرْح تُحبُّه وتسْتطيع أن تَتَغلَّب على صُعوباته .
وَتمنَّى عليٌّ أن يَأتِي اَلغَد بِيَوم جميل مليء تَفاؤُل ، وظلَّ طُول اللَّيْل يُفكِّر فِي مَشرُوعه اَلجدِيد .
وعنْدَمَا عاد مُحمَّد إِلى البيْتِ وَحكِي لأَنَّة بُثيْنَة مَا حدث قَالَت لَه :
جميل مِنْك أَنَّك قُلْت لَه هذَا ، أَنْت أَخُوه . ومَا أَجمَل أن يُحَافِظ المرْء على صَديقِه الصَّدوق ولَا تُخْبِر أحدًا بِمَا فعلْتُ يَا مُحمَّد حتى لا تَجرَح شُعُورَه .
قال لهَا
– بِالطَّبْع يَا أَنَّة بُثيْنَة ، وَلكِن أَحمَد هُو فقط اَلذِي يَعلَم بِهَذا اَلموْقِف لِأَنه سَبقَنِي فِي اَلحُضور وَكَان معه أيْضًا بُلُو فرَّ جديد.
رَدَّت أَنَّة بُثيْنَة :
ـ هَذِه رُوحٌ جَمِيلَة ، أنَا سَعِيدَة جِدًّا بِهَذه الصَّداقة الجميلة .
وَفِي اليوْم التَّالي فِي المدْرسة طلب عليٌ من صديقيه مُحمَّد وأحْمد عِنْدمَا قابلَهما:
ـ أنَا سأبْدأ مَشرُوعًا جديدًا ! مِن مِنْكمَا يُحِب أن يُشاركني ؟؟
فَرْد كُلِّ مِنْهما :
ـ لََا مَانِع .
ردُّ أَحمَد
ـ العمل عِبادة .
أَمَّا مُحمَّد فقال :
ـ وَالدِي دائمًا يَقُول لِي استفد بِيوْمكَ ، ولَا تَترُك اليوْم يَنتَهِي دُون عمل ؟ وَأنَا لََا أَنسَى نَصِيحَة أَنَّة بُثيْنَة وَهِي تَقُول : اِبتعَد عن الكسل ، وَدائِمًا اسأَل نَفسُك : في ماذا قضيْتُ يَومُكَ ؟ يَجِب أن يَكُون هناك شَيْء مُفيدٍ فِي يَومِكَ .
وتحمَّس الصديقان لِلْفكْرة وقالا :
ـ وَلكِن مَاذَا ستفْعل ؟
قال :
ـ يمكنكما أن تَأتُيا بِكلِّ مَا هُو قديمًا مِن مَلابِس تمْتلكانهَا .
فرْدًا فِي دَهشَة :
ـ مَلابِس قَدِيمَة ؟!
ردَّ عليٌّ :
ـ نَعِم قَدِيمَة أو فِي اِسْتغْناء عَنهَا .
اَندَهش أَحمَد:
ـ وماذَا بَعْد ؟
قال :
ـ سَأقُوم بِتدْوِير الملابس أو القصاصات مَرَّة ثَانِية أو نَبتَكِر أَشيَاء جَدِيدَة وَتقُوم بيْعهَا .
وَقَال أَحمَدُ:
ـ بِكلِّ حَمَاس فِي اَلغَد سَتجِدكُلُّ المطْلوب .
وردَّ مُحمَّدٌ :
ـ وَأنَا سَأقُوم بِتوْفِير مَا أَستطِيع مِن الملابس القديمة.
و – بِالْفِعْل – أتى الصَّديقان بِكلّ مَا يسْتطيعان ، وَبدَأ عليٌّ يُفكِّر فِيهَا وَكَان قُبْح لِلْأشْغال الفنِّيَّة ، وَبدَأ فِي قصِّ بَعضُها ولصْق البعْض الآخر وَعمِل مِنهَا أَكيَاس صَغِيرَة لِلْعقود ، وَمِن البعْض مِقْلمَات لِحفْظ الأدوات المدْرسيَّة ، ومعلَّقات فَنيَّة وَأَضاف بَعْض الخامات ، وَذهَب إِلى مُدير النَّادي الذي َرحَّب به ، و َطلَب مِنْه أن يَأتِي كُلُّ يَوْم جَمعَه يَوْم الإجازة الأسْبوعيَّة ليَعرِض مُنْتجاته فِي النَّادي .
وَفِي أَوَّل جُمعَة جاء أَحمَد ومحمَّد لمساعدة صديقَهما عليٍّ وَهْما فِي قمة السَّعادة ، ولما جاء المسَاء اِنتهَى عليٌّ من بَيْع المنْتجات وَقدَّم الصِّدِّيقيَّه
أَحمَد ومحمَّد بعْضًا مِن النُّقود اَلتِي رِبْحهَا مُقَابِل مُساعدتهمَا لَه فِي مَشرُوعه اَلجدِيد فَرفَض أَحمَد :
وَقَال لعليٍّ:
ـ أنَا سعيدٌ بِنجاحك وأيْضًا مُحمَّد .
قال :
ـ أنَا لََا أَستَحق هَذِه النُّقود ، أَنْت اَلذِي قُمْت بِتدْوِير هَذِه الملابس القديمة والْقصاصات ، وحوَّلتْهَا بِذكْرك ومجْهودك إِلى أَعمَال فَنيَّة رَائِعة ومفيدة .
وزيْتِ صديق على كَتفِه وَهمَا فِي قِمَّة السَّعادة بِنجاح صديقهمَا . وَهنَا وَجدُوا مُدير النَّادي يَشكُر عليَّا على المجْهود الرَّائع وَأَضاف:
ـ أريدكَ أن تَستَمِر فِي هذَا النَّشَاط ، وسأنتظركَ كُلَّ جُمعَة لِتقدِّم مُنتجَات جَدِيدَة .
شُكرُه عَلِي ٌّوَقَال لمدير النَّادي :
ـ الشُّكْر كُلَّه يَرجِع لِتعاون أصْدقائي واقتناعهم َ بِهَذه الفكْرة .
وَقَال مُدير النَّادي:
ـ أنَا مُشجِّعٌ جَيِّد لِأفْكَار الشَّبَاب . وللْمشاريع الصَّغيرة الهادفة .
– إِن شاء اَللَّه – ستصْبحون رمْزًا لِلنَّجَاح لِكثير مِن شَبَاب النَّادي .
فى النهايه..انتظرونا فى العدد القادم قصه جديدة لسلسله جدو حمدى وانة بثينه.