“إلغاء قضايا الخلع” في السعودية.. تحول تشريعي لا إلغاء فعلي

أثارت أنباء “إلغاء قضايا الخلع” في السعودية موجة واسعة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر المشهد الإعلامي في المملكة خلال الأيام الماضية، و غير أن ما بدا إلغاءً ظاهريًا، هو في الحقيقة تعديل تشريعي وتنظيمي شامل يهدف إلى تطوير آليات التعامل مع الخلع، بما يتماشى مع التوجهات العدلية الحديثة.
تنظيم جديد لتوثيق الاتفاق
أوضحت وزارة العدل السعودية أن قضايا الخلع لم تُلغَ، بل أُعيد تصنيفها لتُصبح إجراءات توثيقية تُنفذ إلكترونيًا عبر منصة “تراضي”، وذلك عندما يتم الاتفاق المسبق بين الزوجين على جميع تفاصيل الخلع، بما فيها العوض المالي الذي تلتزم به الزوجة.
وبحسب المادة 96 من نظام الأحوال الشخصية، يمكن للطرفين المؤهلين قانونيًا إتمام الخلع دون الحاجة للجوء إلى المحكمة، ما يساهم في تقليل النزاعات الأسرية وتخفيف العبء على القضاء.
أما في حال عدم الاتفاق، أو رفض أحد الطرفين للشروط، فحينها تُحال القضية إلى المحكمة تحت مسمى “فسخ النكاح”، لتُنظر ضمن المسار القضائي التقليدي، حفاظًا على حقوق الطرف المتضرر.
ثلاث مسارات لإنهاء الزواج في النظام السعودي
يتضمن النظام العدلي السعودي ثلاثة طرق رسمية لإنهاء العلاقة الزوجية:
-
الطلاق
-
الخلع (باتفاق الطرفين)
-
الفسخ (في حال النزاع)
وتُخصص المنصات الرقمية للمعاملات التوافقية مثل الطلاق والخلع، بينما تُحال القضايا النزاعية إلى المحاكم. هذا التحول يعبّر عن فلسفة جديدة في التقاضي، حيث تُعالج القضايا الودية خارج المحاكم، وتُخصص الجلسات القضائية للمنازعات فقط.
تحول رقمي في إطار رؤية 2030
تأتي هذه الخطوة كجزء من جهود أوسع تقودها وزارة العدل ضمن رؤية المملكة 2030، التي تسعى لتحديث الأنظمة العدلية، وتعزيز التحول الرقمي، وتسهيل الإجراءات القانونية، مع ضمان الحقوق وتوفير بيئة أسرية مستقرة.
الهدف من التعديلات ليس تقليص فرص اللجوء للخلع، بل تسهيل الإجراءات عبر وسائل رقمية أكثر كفاءة، وهو ما يعكس توجهًا استراتيجيًا يضع المملكة بين الدول الرائدة في تبني الحلول العدلية الرقمية.