الكاتبة ماما نيفين رجب تكتب: سلسلة حكايات جدو حمدي وأنة بثينة
القصة الثانية…
(مقصف المدرسة)
طَلبَت « حَضرَة النَّاظرة” مِن التَّلْميذات فِي المدْرسة لِمن يُريد التَّرْشح لِلاشْتراك فِي بَعْض الأنْشطة العمليَّة لِلْمدْرسة مِثْل الإشْراف على مَقصِف المدْرسة وَنَشاط التَّرْبية الموسيقيَّة والْفنِّيَّة بِالْمدْرسة وَأَضافَت فِي طَابُور الصَّبَاح مِن تُريد مِنْكنَّ المشاركة تَتَوجَّه إِلى أبلة تَغرِيد وتسجِّل اِسمهَا فِي النَّشَاط اَلذِي تَرغَب فِيه .
وَفِي الفسِحة اِتجهَت بَعْض التِّلْميذات إِلى أبلة تَغرِيد وسألتْهنَّ عن رَغبَة كُلِّ مِنْهنَّ ، قَالَت مِلْك :
ـ أنَا أَفضِّل التَّدْبير المنْزليَّ.
وقالتْ نُورًا :
ـ وَأنَا أَفضِّل الموسيقى.
أَمَّا سَارَّة :
ـ وَأنَا فسَأتجِه إِلى مَقصِف المدْرسة مع مَلِك ( وضحكت ) مَا أَجمَل وأرْوع المنْتجات اللَّذيذة الموْجودة بِه !
وقالتْ لَهُم أَبلَة تَغرِيد:
ـ اَلمهِم الالْتزام بِالْوَقْتِ .
وقالتْ سَارَّة :
ـ والنَّظافة الشَّخْصيَّة وَألَّا يُؤثِّر هذَا النَّشَاط على الدِّراسة، وَإذَا تَعَرَّضنَا لِأيِّ مُشْكِلة مَاذَا نَفعَل ؟
رَدَّت أَبلَة تَغرِيد :
ـ تسْألونني على الفوْر ، إِن شاء اَللَّه سَنجِد حلًّا لَهَا بَعْد النِّقَاش مَعكُن.
وقالتْ نُورًا :
ـ وَمتَى سيبْدأ العمل ؟
قَالَت :
ـ مِن أَوَّل الأسْبوع.
فرحْتُ التِّلْميذات ، وأخذن يتهامسن ، ويتناقشن بِكلِّ حَمَاس ، وَهنَا سمعْن صوْتًا يَطرُق على اَلْباب ، فأذنتْ أَبلَة تَغرِيد لمن يَطرُق :
ـ تفضُّل .
فوجدتْ تلميذة ، سَأَلتهَا :
ـ مَا اِسْمك ؟ وماذَا تُريدِين ؟
قَالَت :
ـ اِسْمِي رَاندة ، هل مُمْكِن أن أُشَارِك فِي نَشَاط التَّرْبية الموسيقيَّة وأن أَقدِّم أيَّ مُسَاعدَة لِأَني أحبَّ الموسيقى .
اِنْدفَعتْ نُورًا وَردَّت دُون اِسْتئْذان مِن أَبلَة تَغرِيد :
ـ تَأخرَت كثيرًا ، أنَا سَأقُوم بِهَذه اَلمهِمة على الفوْر .
اِعْتذَرتْ رَائِدة وَحَاولَت الانْصراف وَلكِن أَبلَة تغرِيد كانت تَوجُّه السُّؤَال لِي :
ـ وَمِن حقٍّ أيْ تِلْميذة الاشْتراك فِي الأنْشطة المطْروحة ، وسأكون فِي قِمَّة سعادَتي بتعاونْكن معًا تَّعاونًا يُثْمِر نجاحًا مُشترَكًا وَكُلُّ هذَا مِن أَجْل مدْرستنَا وَخِدمَة زُملائكن .
فقالتْ رَانْدَة :
ـ إِن شاء اَللَّه – نَكُون عِنْد حُسْن ظنِّ حَضرَتِك .
نَظرَت نُورا فيِ خجل وقالتْ:
ـ لََا تُؤاخذيني فِي اِنْدفاعي نحْوك بِهَذه القسْوة.
وَمدَّت يَدهَا لِتصافحهَا ، رَدَّت رَائِدة :
ـ بِالتَّأْكيد يَكُون بيَّننَا تعاونٌ مُشترَكٌ وبداية لِصداقة جَدِيدَة .
طَلبَت أَبلَة تَغرِيد مِن اَلجمِيع الاجْتماع بِهَا فِي فُسحَة المدْرسة حَتَّى تُنَاقِش مَعهُن أُسلُوب المشاركة الجادَّة فِي هَذِه الأنْشطة بِمَا تَستفِيد مِنْه التِّلْميذات ، وبالْفعْل اجتَمع اَلجمِيع بِأبلة تَغرِيد وقالتْ لَهُن:
ـ يُمْكنكنَّ أنَّ تُقْترَحن بَعْض الأفْكاراَلتِي تَغيَّر هَذِه الأنْشطة لِنسْتطيع النُّهوض بِهَا .
فَردَّت نُورًا:
ـ بِالنِّسْبة لِغرْفة الموسيقى هل يُمْكِن زِيادة الآلَات ؟ لِأنَّ بَعْض الزَّميلات لََا تَستطِعن العزْف أو مُمَارسَة النَّشَاط الموسيقى على اَلآلَة اَلتِي يُفَضلنها لِعَدم تَوفِير أَكثَر مِن آلة .
فقالتْ سَارَّة :
ـ مُمْكِن أَقدَم اِقْتراحًا بِالنِّسْبة اَلمقْصِف المدْرسة ؟ هل مِن اَلممْكِن التَّعامل مع مَصادِر أُخرَى حَتَّى نزيد مِن مَوارِد اَلمُقصف .
فَردَّت نُورًا :
ـ جميل جِدًّا بِالْفِعْل هَكذَا سَنجِد كُلَّ مَا نَطلُبه ونريده .
وقالتْ ” مَريَم “:
ـ مِن اَلممْكِن أن نُتيح اَلفُرصة لِبَعض التِّلْميذات لِتقْدِيم بَعْض الأصْناف الجميلة اَلتِي يُجدن عَملُها ونقدُّمهَا فِي اَلمقْصِف كنوْع مِن المساعدة المادِّيَّة لَهُن بِطريقة لَطِيفَة وَدُون أيْ حَرِج لِمشاعر مِن أَبلَة تَغرِيد “. وبالنِّسْبة لِلتَّرْبية الفنِّيَّة أنَا مُمْكِن أَقتَرح نَخْتار أَفضَل الزَّميلات فِيها ، ونقيِّم معْرضًا تَكُون كُلُّ مُنْتجاته مِن عمل الزَّميلات المبْدعات وَيخصَّص كُلُّ مَكسَبِه لمُسْتشْفَى سَرَطان الأطْفال أُوأَى جِهة خَيرِية مُقَدَّمَة لِلْأطْفال المحْتاجين كدَعْم صِحِّيٍّ أو مَعنَوِي .
وَردَت سَارَّة :
ـ أو حَتَّى دَعْم مادِّيٍّ هذَا رَائِع .
رَفعَت نُورًا يَدهَا لِتتحَدَّث :
ـ وَممكِن أن يُشَارِك فِي هذَا اَلمعْرِض الزَّميلات اللَّاتي يُجدن العزْف على الآلَات المخْتلفة وَهذَا سَيكُون إِنْجازًا وفرحة وَتشجِيعًا لَهُن فِي آخر اَلْعام .
وَأَضافَت سَارَّة :
” يُمْكننَا أيْضًا فِي هذَا إِلى اَلمعْرِض : أنَّ نَقدُّم أَجمَل الوجبات ونغلَّفهَا بِشَكل فَنِّي جميل ونعْرضهَا أيْضًا فِي اَلمعْرِض.
قَالَت مَلِك :
ـ ” وَهذَا يزيد مِن الأرْباح المادِّيَّة اَلتِي ستسْتفيد مِنهَا الجهَات المحْتاجة لِلْمساعدة.
وابْتسمتْ أَبلَة تَغرِيد وَهنَأتهن وشجَّعتْهنَّ على الرُّوح الجميلة بيْنهنَّ وقالتْ :
ـ هل لََا يُوجَد أحد يُشجِّع نَشَاط الرِّحْلات ؟
فقالتْ مَريَم :
ـ مَا أَجمَل وألْطف الرِّحْلات الجماعيَّة مع الأصْدقاء.
رَدَّت رَاندة:
ـ تَكُون مِن أَجمَل الأيَّام ولَا تَنسَى وَتظَل فِي ذاكرتنَا .
فقالتْ أَبلَة تَغرِيد :
ـ يُمْكنكنَّ الاشْتراك جميعًا فِي هذَا النَّشَاط .
ورفعتْ مَلِك يدَها:
ـ هل تُوافقين على أنَّ نَرشُّح اِثْنتَيْنِ مِن الزَّميلات المتفوِّقات اللَّاتي لَم يَستطِعن دَفْع ثمن اِشتِراك الرِّحْلة آخر اَلْعام وَنَقدَّم لَهُن ثمن الرِّحْلة هَديَّة مِن مَجمُوعة النَّشَاط المدْرسيِّ ؟؟
قالتْ سَارَّة : مَا أَجمَل هَذِه اَلهدِية !
قَالَت أَبلَه تغْريد :
ـ لَم أَتوَقع هَذِه الرُّوح الرَّائعة – إِن شاء اَللَّه – سنبْدأ مِن أَوَّل الأسْبوع القادم .
وتخاصمتْ الزَّميلات لِلتَّعاون معًا فِي كُلِّ الأنْشطة .
وَفِي أَوَّل يَوْم دَخلَت سَارَّة إِلى مَقصِف المدْرسة فِي وَقْت اَلفُسحة حاولتْ أن تُنفِّذ هِي وصديقتهَا نُور مَا اِتَّفق عليْه ، وَلكِن بَعْد دَقائِق وَجدَت نُورًا زَمِيلَة لَهَا تُريد أن تَشتَرِي بَعْض الأشْياء مِن اَلمُتصف ، وَلَكنهَا رَفضَت وقالتْ:
ـ لََا يُوجَد مَا تُريدينه!
ثُمَّ سَألَت عن صِنْف آخر فَردَّت:
ـ لََا يُوجَد أيْضًا !
لَاحظتْ سَارَّة ” مَا فعلتْه صديقتهَا نُورًا ” وقالتْ لَهَا :
ـ لِماذَا لََا تُعْطينهَا مَا تُريد؟؟
فَردَّت نُورًا :
ـ أنَا لََا أُحِب هَذِه الزَّميلة لِموْقف حدث بيْننَا .
سارعتْ سَارَّة لَتَنادَى على زميلتهَا وَتُعطَى لَهَا مَا تُريده ، وقالتْ لَهَا:
ـ أنَا أَعتَذر لَك ، نُورا اِعتقَدت أنَّ الكمِّيَّة قد نُفذَت مِن اَلمُقصف .
وعنْدَمَا عَادَت سَارَّة إِلى اَلمقْصِف وَجدَت نُورا تَنظُر لَهَا فِي ضِيق وَتقُول :
ـ أنَا لََا أحبَّهَا !
فقالتْ :
ـ لَيْس مهمًّا أِنَْ تُحبِّيهَا وَلكِن الأهمَّ أن تُؤدِّي عَملَك على أتمَّ وَجْه وَبكُل أَمانَة ونحْن هُنَا نُؤدِّي عَملُنا اَلذِي تَعَهدنَا أَمَام أَبلَه تَغرِيد ، ويجب أن نكُون عِنْد حُسْن ظَنهَا .
قالتْ نُورا :
ـ ” أنَا أَسفُة يَا سَارَّة ، لَقد غَلبَنِي شُعوري على فِعْل الواجب المطْلوب مِني وَدائِمًا كان جُدَّي حَمدِي يُحَذرنِي من ذلك ، ويقول لي إنَّ الواجب أَمانَة وإن أَتَسامَح عِنْدمَا أَستطِيع وإن الصَّفْح والتَّغاضي عن أَخطَاء الآخرين يَأتِي بِالْمحبَّة .
وبعْد أَيَّام جَاءَت بَعْض الطَّالبات ليقدمنَّ بَعْض المنْتجات الجميلة الرَّائعة إِلى مَقصِف المدْرسة ، وَكَان مِن بَينهِن الزَّميلة سِحْر ” كان يَعرِف عَنهَا اَلجمِيع أَنهَا مِن أَوائِل المدْرسة وأيْضًا كان يُلَاحِظ اَلجمِيع أَنهَا بَسِيطَة اَلْحال فقدَّمتْ بعْضًا مِن الحلْوى اَلتِي تناولتْهَا وسعدتْ بِمذاقهَا أَبلَة تَغرِيد ” وقالتْ لَهَا :
ـ إِنَّها بِالْفِعْل لَذِيذَة المذَاق!
ذَهبَت سِحْر لِتقدُّم مُنْتجاتهَا اللَّذيذة مِن الحلْوى فِي مَقصِف المدْرسة بَعْد أن طمأنتها شَهادَة أَبلَة تَغرِيد ، لكن سَارَّة رَفضَت وقالتْ لها :
ـ سحر ، هِي غَيْر مُغَلَّفَة بِطريقة جَيدَة ، ولَا أحد سيطْلبهَا .
ولما ذَهبَت إِلى اَلمنْزِل حكَت لِأَنَّة بُثيْنَة عَمَّا حدث فِي اليوْم الدِّراسيِّ بيْنهَا وبيْن زميلتهَا سِحْر ، وأنها لما أخذت الحلْوى منها بعد إِلحَاح صديقاتهَا نُور قَامَت بِوضْعِهَا فِي مَكَان غَيْر مُميَّز فِي اَلمقْصِف ، اِنْزعَجتْ أَنَّة بُثيْنَة ” مِمَّا حكتْه سَارَّة وسألتْهَا لِماذَا فَعلتِ هذَا التَّصَرُّف مع زميلَتكِ سِحْر ؟ وَهِي بَسِيطَة اَلْحال وبالتَّأْكيد تَحْتاج إِلى هَذِه النُّقود ؟؟
قَالَت سَارَّة :
ـ ” هِي مُتَفوقَة فِي كُلِّ شَيْء وَدائِما مُفَضَّلَة عِنْد المدرِّسين فليْس مِن الطَّبيعيِّ أنَّ تنافسنَا فِي هذَا النَّشَاط التَّطوُّعيِّ أيْضًا ، فَلذَلِك لَن أُقدِّم لَهَا أيُّ مُسَاعدَة .
فابْتسمتْ فِي هُدُوء وقالتْ مِثلَما قِلَّتِ لِي مِن قَبْل:
ـ هذَا عمل نُؤَديه بِكلِّ أَمانَة و لََا مَكَان لِلْمشاكل والْمنافسات الشَّخْصيَّة أَتمَنى لَك يَا سَارَّة ” أن يَنتَهِي هذَا اَلْعام لَيْس بِالنَّجاح فِي النَّشَاط المدْرسيِّ فقط ، بل فِي تَكوِين صداقَات على مُستَوَى عالٍ مِن الوفَاء والْألْفة مع زميلاتك .
وَأَضافَت أَنَّة بُثيْنَة :
ـ إِخمَاد طَمُوح الآخرين والتَّقْليل مِن شَأنهِم لََا يَجعَل شَأنُك يَعلُو بل بِالْعَكْس ستجدين فِي التَّعاون عُلُوًا وازْدهارًا لِكلِّ الأطْراف واستفادة للجميع .
نظرت سارة فى خجل واعتذرت لأنَّة بثينة، وقامت بتقبيلها ، فربَّتتْ أَنّة بُثيْنَة على كَتِف سَارَّة وقالتْ لَهَا :
ـ لََا تعْتذري ولَا تَخجلِي وَحاوِلي تَصحِيح مَا قُمْتِ بِه فِي حقِّ زميلَتكِ سِحْر.
قَالَت سَارَّة :
أَعدَّكِ بِذَلك يَا أَنَّة بُثيْنَة .
وَفِي اليوْم التَّالي أَبصَرت سَارَّة سِحْرًا فِي طَابُور المدْرسة ، فسارعت إليها وهنَّأتْها بِالْمنْتجات العزيزة وفرحتْ سِحْر ، وقالتْ لسَارَّة :
ـ هل أعْجبَتْكِ حقًّا ؟؟
فَردَّت سَارَّة :
ـ بِالتَّأْكيد أعْجبتْني ، وَهذَا رَأْي كُلٍّ مِن تَذوقِها ، وَفِي اِنتِظار اَلمزِيد مِن المنْتجات.
وَفِي نِهاية اَلْعام الدِّراسيِّ وَفِي يَوْم ظُهُور النَّتيجة اِنتظَر اَلجمِيع الشَّهادات وَمعرِفة الدَّرجات وَأَعلنَت أَبلَه النَّاظْرة عن النَتِيجَة وذكرتْ أَسمَاء الطَّالبات المتفوِّقات وَكَان مِن أَوائِل المتفوِّقات سِحْر .
فرحْتُ سِحْرًا بِشكْر المدرِّسين لَهَا وتهْنئتهَا وَكَان مِن أَوَّل المهنِّئين لَهَا سَارَّة وَبَقيَّة الزَّميلات فِي النَّشَاط المدْرسيِّ، وقامتْ أيْضًا أَبلِة تغْريد بِشكْر اَلجمِيع وتهنِّئتهن وَهِي تَنظُر بِابْتسامه لِسحْر وَسَارَّة وَتقُول :
ـ ما زاد مِن سعادَتي هُو تَكوِين صداقَات وَطِيدَة بَينُكن وَأتَمنى أن تَدُوم هَذِه العلاقة الطَّبيبة على مرِّ اَلسنِين
فى النهايه..انتظرونا فى العدد القادم قصه جديدة لسلسله جدو حمدى وانة بثينه.
ماما نيفين رجب/ كاتبة وفنانة تشكيلية و مذيعة بالفضائية المصرية ماسبيرو.