“تصميم المطبخ الأردني”.. بين الموروث الشعبي واللمسات العصرية

لا يقتصر المطبخ الأردني على الأكلات التراثية الغنية بالنكهات فقط، بل يمتد جماله أيضًا إلى تفاصيل تصميمه المعماري والداخلي، الذي يعكس مزيجًا من الثقافة المحلية، والتطورات الحديثة في عالم الديكور، فالمطبخ الأردني، بمفهومه المكاني، لم يعد مجرد مساحة لإعداد الطعام، بل تحوّل إلى مركز للحياة العائلية، وركن حيوي في المنازل الأردنية يجمع بين الأصالة والوظيفة.
لمسات تقليدية وهوية محلية
في البيوت التقليدية، كان المطبخ الأردني يعبّر عن البساطة والعملية، حيث يُبنى غالبًا من الطين أو الحجر، وتزين جدرانه رفوف خشبية لحمل الأواني النحاسية والفخارية. الألوان الترابية مثل البني والأصفر والبيج كانت تسيطر على التصميم، مع استخدام واسع للمنسوجات اليدوية والسجاد البلدي في الأرضيات، ما يضفي دفئًا وطابعًا ريفيًا محببًا.
الحداثة تدخل على الخط
مع تطور أنماط الحياة، طرأت تغييرات جذرية على تصميم المطابخ في الأردن، خصوصًا في المدن الكبرى مثل عمّان والزرقاء وإربد. أصبحت المطابخ أكثر انفتاحًا، وتم استبدال الجدران المغلقة بمساحات مفتوحة تربط المطبخ بغرفة المعيشة أو السفرة، بما يتماشى مع المفهوم العالمي للمساحات المترابطة.
كما دخلت المواد الحديثة مثل الرخام الصناعي، والخشب المضغوط (MDF)، والستانلس ستيل، وأصبح الاهتمام بتوزيع الإضاءة، واستغلال المساحات الرأسية، واستخدام الأدراج الذكية لتخزين الأدوات جزءًا من تصميم المطبخ العصري في المنازل الأردنية.
الطابع الهجين: بين المودرن والتقليدي
ما يميز المطبخ الأردني اليوم هو الطابع الهجين؛ إذ نجد في كثير من التصاميم مزيجًا بين عناصر الحداثة والروح التقليدية. فمثلًا، قد ترى مطبخًا حديثًا بواجهات لامعة وإضاءة LED، لكنه يحتوي في ركنه رفًا خشبيًا يحمل دلّة قهوة عربية أو أدوات فخار تقليدية.
وتقول المصممة الداخلية رُلى خليفات: “الزبائن الأردنيون أصبحوا أكثر وعيًا بذوق التصميم، وغالبًا ما يطلبون مطبخًا عمليًا، لكن لا يخلو من الروح التراثية، كأن نستخدم بلاطًا بأشكال هندسية مستوحاة من الزخارف الشرقية، أو نضيف زاوية لإعداد المناسف بشكل خاص”.
متطلبات خاصة وأولوية للوظيفة
يختلف تصميم المطبخ الأردني أيضًا حسب العادات الغذائية؛ فمع وجود أطباق تحتاج إلى مساحات كبيرة للإعداد مثل المنسف والمقلوبة، يحرص الكثيرون على تخصيص طاولة وسطية أو مساحة تحضير كافية. كذلك يتم تزويد المطبخ بفرن غاز واسع وسعة تخزين كبيرة تناسب تجهيز المؤن والزيت والزيتون البلدي، الذي لا تخلو منه أي بيت أردني.
المطبخ كمؤشر اجتماعي
لا يخفى أن تصميم المطبخ في بعض المناطق الأردنية يعكس أيضًا الحالة الاجتماعية؛ فبينما تفضل بعض العائلات المطابخ الواسعة والمجهزة بأحدث التقنيات، تحتفظ بعض البيوت في القرى والبادية بالمطبخ التقليدي المبني من الطين أو داخل الخيمة، ما يزال يُستخدم في المناسبات لتحضير الولائم بالطريقة البدوية الأصيلة.