في حوار مع “مولاتي”.. الكاتبة ريم أبو عيد تكشف عن رحلتها الإبداعية وتطلعاتها المستقبلية
حوار: أحمد سامي
ريم أبو عيد، كاتبة وروائية وسيناريست، وعضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، تُعَد واحدة من أهم الكتاب في مصر والوطن العربي. حققت ريم شهرة واسعة بفضل إبداعها الأدبي وقدرتها الفريدة على نسج القصص والروايات التي تلامس القلوب والعقول. حصلت على العديد من الجوائز المرموقة تقديراً لمساهماتها الأدبية، وتعد واحدة من أكثر الشخصيات تأثيراً على منصات التواصل الاجتماعي بفضل تفاعلها النشط ومحتواها الهادف. ريم أبو عيد ليست مجرد كاتبة، بل هي صوت من الأصوات الرائدة التي تُثري الثقافة العربية بأعمالها المتميزة.
قالت الروائية ريم ابو عيد ، أن تاريخ الإسكندرية مليء بالحكايات الملِهمة لأي مبدع وهي نفسها مدينة ساحرة لها طابع خاص جدا تحرض أي مبدع على الكتابة عنها بشغف لا يفتر أبدا.
وأضافت ريم أبو عيد لـ”مولاتي” أن سيناريو فيلم متروبول حصل على جائزة مسابقة ممدوح الليثي في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط في دورته التاسعة والثلاثين من العام 2023.
وطالبت ريم، بسن قوانين من شأنها تغليظ العقوبات على كل من يؤذي حيوانات الشارع بأي شكل من الأشكال أو الحيوانات عموما حتى المملوكة منها.
إلى نص الحوار..
هل يمكنك أن تشرحي لنا كيف بدأت رحلتك في عالم الكتابة الإبداعية؟
البداية كانت منذ سنوات طويلة، ربما منذ أن كنت طالبة في المرحلة الثانوية بدأت في كتابة بعض الخواطر والنصوص الإبداعية والتي كنت أعرضها على أستاذ اللغة العربية آنذاك وكان يثني عليها ويشجعني على الاستمرار. ظللت بعد ذلك أكتب خواطري وأدونها في كراسات صغيرة أثناء المرحلة الجامعية وما بعدها ولكن دون أن أفكر في نشرها في ذلك الوقت، واستمر الحال كذلك حتى العام 2003 حين نشرت أول ديوان نثر لي وكان بعنوان ذات حلم ثم توالت إصداراتي ما بين دواوين وكتب وروايات. وكتبت أيضا المقالات في مختلف الموضوعات في العديد من الصحف والمواقع المصرية والعربية.
أعتقد أن الإبداع تحديدا يولد مع الإنسان ولكنه يكون بحاجة إلى اكتشافه وصقله بكل الطرق التي تصقله وتنميه. فالمبدع في أي مجال يبدأ رحلته الإبداعية منذ خلقه في هذه الحياة وكل مرحلة في هذه الرحلة الطويلة تؤدي لما تليها.
ما الذي يلهمك لكتابة الروايات؟ هل هناك تجارب شخصية أو مصادر أخرى تؤثر على إبداعك؟
كتابة الرواية ليست بالأمر الهين فالبحث عن فكرتها وموضوعها في حد ذاته قد يستغرق وقتا طويلا، ومصادر الإلهام كثيرة ومتعددة فالحياة بمجملها مصدرا من هذه المصادر. موقف ما قد يمر علي في وقت من الأوقات يمكنه إلهامي للكتابة أو فكرة تروق لي حتى وإن كانت تبدو غير واقعية بعض الشيء كما في ثلاثية الإسكندرية التي كتبتها (متروبول – سان ستيفانو – ستانلي) وكذلك رواية طيف عزيز. الإبداع هو مزج بين الواقع والخيال أو ربما يكون خيالا فقط لا يمت للمواقع بصلة، ولكنه ليس واقعا خالصا وإلا ما سمي إبداعا. وفي رأيي أن التجارب الشخصية قد يكون لها تأثيرا أو أثرا إلى حد ما في هوية المبدع بوجه عام ولكنها بالتأكيد لا تكون المصدر الوحيد لإبداعه ولا يجب أن تكون هي مصدر إلهامه الرئيس وإلا تحولت كتاباته كلها إلى سيرة ذاتية وليست إبداعية.
هل تستوحين شخصياتك وأحداث قصصك من أشخاص وأحداث حقيقية في حياتك أو في محيطك؟
حتى الآن لم أكتب عن أي شخصية حقيقية صادفتها في حياتي ولكن ربما استوحي بعض الصفات من بعض الشخصيات التي تصادفني في رحلة الحياة حتى أستطيع رسم الشخصيات على الورق بصورة صحيحة؛ مثلا لو أنني أكتب عن شخصية مخادعة فيمكنني الاستعانة بسمات وتصرفات أي شخصية مخادعة صادفتها في واقع الحياة كنمط في رسم سمات الشخصية الروائية، ولكنني بالتأكيد لا أنقل الشخصية نقلا حرفيا من الواقع إلى الورق. وفي اعتقادي الشخصي أن المبدع بوجه عام يتقن التأمل سواء في الشخصيات التي يصادفها أو في الحياة بشتى جوانبها، ويختزن في ذاكرته ووجدانه ما يمر به من تجارب وأحداث وتأملات ومن ثم يسكبها على الورق فيما بعد حين حاجته لذلك في أي عمل إبداعي.
ماهو أكثر كتاب قرأته أو أثر فيك وأثر في أسلوبك الكتابي؟
كل كتاب قرأته ترك أثرا في نفسي بصورة ما وفي تشكيل حصيلتي المعرفية واللغوية، فليس هناك كتابا بعينه أستطيع قول أنه وحده كان له الأثر الأكبر في نفسي. أما عن انعكاس ما اقرأ على أسلوبي في الكتابة فلا أظن أنني في كتاباتي أتأثر بأسلوب غيري من الكتاب، فلكل مبدع حقيقي بصمته الخاصة به وأسلوبه الذي يميزه.
حدِّثينا عن رواية “ستانلي” وما الذي دفعك لكتابتها؟
رواية ستانلي هي الجزء الثالث والأخير من ثلاثية الإسكندرية التي بدأت كتابة أول جزء منها في العام 2017، ثم توالت كتابتي للجزئين التاليين بعد ذلك. والذي دفعني لكتابة ستانلي هو رغبتي في استكمال الكتابة عن الإسكندرية وتاريخها الطويل منذ العام 1882 وحتى الوقت الراهن، فتاريخ الإسكندرية مليء بالحكايات الملِهمة لأي مبدع وهي نفسها مدينة ساحرة لها طابع خاص جدا تحرض أي مبدع على الكتابة عنها بشغف لا يفتر أبدا، وعن نفسي أحب الكتابة عن الإسكندرية وعن الفترات الزمنية المختلفة التي تعاقبت عليها خصوصا أن كل فترة منهم تحمل بين طياتها تاريخا مميزا ومتفردا كونها مدينة انصهر في بوتقتها أناس من مختلف الجنسيات والأعراق والثقافات والديانات أيضا.
رغم أنك من القاهرة، ما سبب حبك الشديد للإسكندرية الذي يظهر في رواياتك وحديثك في البرامج والتغريدات؟
لا يُسأل العاشق عن سبب عشقه، فالحب ليس له أسبابا محددة، فقط تجد نفسك تحب مدينة ما أو شخصا ما أو شيئا ما وربما لا تعرف السبب وربما لا يكون هناك أصلا سببا واضحا ولكنك تحب ما تحبه. والحقيقة أنني لا أدري سببا محددا لحبي الشديد لمدينة الإسكندرية ولكنني أعتقد أن روحي متعلقة بها منذ قديم الأزل، وقد يكون حبي لها قدرا حتى تكون هي ملهمتي في كثير من كتاباتي. إن الإسكندرية بالفعل مدينة آسرة تأسر بحبها كل من يزورها أو يفد إليها، وأعتقد أن الإسكندر المقدوني أيضا وقع في غرامها منذ الوهلة الأولى التي وطأت قدماه أرضها ولذلك أسسها وأسماها على اسمه. أما سبب سحرها الآخاذ الذي يفتن كل عاشق للجمال ففي تصوري هو سر أودعه الله فيها لم يستطع عاشق لها فك طلاسمه بعد.
رغم نجاحك في الصحافة والإعلام وإجراءك حوارات بارزة مع شخصيات مثل الفنان محمد صبحي، لماذا لم تستمري في مهنة الصحافة؟
عملي في الصحافة كان تجربة أعتز بها، ولكنني لم أستمر فيها فترة طويلة، بدأت أولى خطواتي في بلاط صاحبة الجلالة قبل أحداث يناير عام 2011 وما حدث في مصر من أحداث وفوضى جعلني أتوقف عن العمل بها آنذاك، وبعد مرور العاصفة وهدوء الأحوال نسبيا عدت للكتابة ولكن للكتابة الإبداعية، واستمرت علاقتي أيضا بالصحافة ولكن على فترات متباعدة وذلك من خلال المقالات الصحفية التي كنت أنشرها أسبوعيا على مدار عامين متتاليين في جريدة الأهرام المسائي، بخلاف بعض المواقع الأخرى أيضا.
فأنا في الأساس لست صحفية ولم أدرس مهنة الصحافة، وعملي فيها كان مجرد تجربة استهوتني في ذلك الوقت الذي خضتها فيه.
هل تفكرين في كتابة أغانٍ أو أفلام ودراما؟
بالفعل كتبت سيناريوهات أفلام ولكنها لم تنفذ حتى الآن، وكتبت أيضا سيناريوهات لبعض حلقات درامية، ومما كتبت سيناريو فيلم متروبول عن روايتي متروبول وكذلك سيناريو لبضعة حلقات لمسلسل يحمل ذات العنوان عن نفس الرواية، وهو السيناريو الذي تم الاستيلاء عليه وسرقته وتحويله لمسلسل اختفاء في رمضان من العام 2018 وخضت من أجله معركة قضائية طويلة استمرت لمدة خمس سنوات كاملة حتى استرددت حقي الأدبي والمادي فيه بحكم نهائي من محكمة القاهرة الاقتصادية في العام 2022، وتم كتابة اسمي واسم روايتي متروبول على تترات المسلسل. وقد حصل أيضا سيناريو فيلمي متروبول على جائزة مسابقة ممدوح الليثي في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط في دورته التاسعة والثلاثين من العام 2023.
كتبت كذلك سيناريوهات لأفلام أخرى وحلقات لمسلسلات ولكن إلى الآن لم يحالف أي منها الحظ في إنتاجه فنيا.
اهتمامك بالحيوانات، وخاصة الكلاب والقطط، يظهر في صورك معهم على السوشيال ميديا.. هل تفكرين في إطلاق مبادرة أو جمعية لرعاية الحيوانات؟ وهل ترغبين في إصدار قانون معين لحمايتهم؟
أطلقت بالفعل حملة للرفق بالحيوان منذ عدة سنوات وكانت باسم (حق الحياة) حاولت فيها توعية المجتمع المحيط بي بمفهوم الرفق والرحمة وكيف أنه أساس في ديننا الحنيف وفي كل الشرائع السماوية أيضا، تلك الحملة لاقت صدى واسعا وأظنها حققت نجاحا ملموسا أيضا سواء على أرض الواقع أو في العالم الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي. واهتمامي بالحيوانات في حد ذاته أعده استمرارا لتلك المبادرة التي أطلقتها فالفيديوهات والصور التي أنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي عن الحيوانات وكيفية التعامل معهم والرحمة بهم في اعتقادي أن لها تأثيرا إيجابيا إلى حد كبير على بعض الناس حتى أن منهم من كان يخاف التعامل مع حيوانات الشارع والآن يهتم برعايتهم ويقدم لها الطعام والشراب أيضا، فالرحمة مُعدية شأنها شأن كل سلوك فطري سليم يتفق مع الفطرة الإنسانية القويمة التي خلق الله الإنسان عليها.
أما بخصوص قوانين حماية الحيوانات فلست أنا الوحيدة التي ناشدت البرلمان المصري بتشريعها، الكثيرون من محبي الحيوانات طالبوا بسن قوانين من شأنها تغليظ العقوبات على كل من يؤذي حيوانات الشارع بأي شكل من الأشكال أو الحيوانات عموما حتى المملوكة منها. وما زلنا جميعا نطالب بذلك كما نطالب أيضا بنشر ثقافة الرحمة والرفق بالحيوان في المجتمع حتى نعود مجتمعا إنسانيا كما كنا من قبل يرحم فيه بعضنا البعض أيضا.
هل لديك أي شيء ترغبين في إضافته للإجابة؟ أو هل تخططين لأي مشروعات قادمة في المستقبل القريب؟
المشروعات التي أفكر فيها للمستقبل بوجه عام كثيرة ولكن كل شيء يأتي في وقته المناسب، وعن المستقبل القريب ربما أبدأ في كتابة رواية جديدة أحاول قدر المستطاع التفرغ لكتابتها بعد توقف دام سنة وبضعة أشهر عن الكتابة الإبداعية لانشغالي بأمور حياتية مختلفة.
في ختام حديثي أود أن أشكر موقع مولاتي على تخصيص هذه المساحة لي.