رأيك

محمود أبو الحمد يكتب: تكتيك الإغراق المعلوماتي

العالم أصبح صغير جداً والتقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي غيرت شعوب العالم نسبة كبيرة من الشعوب على مستوى العالم تتابع الأخبار على مواقع التواصل الإجتماعي وغيرها وهنا أصبح من السهل تشتيت الفرد وانحرافة لأفكار أو معلومات مغلوطة من أجل تفكيك الشعوب وعدم الاستيعاب والفهم لكثرة انتشار المعلومات المضللة وكثرتها مما يؤثر بالسلب على الفكر العام للمواطن فى جميع المجالات وذلك لكثرة المعلومات ما بين صحيحة وغير صحيحة.

وهنا يجب أن نتحدث عن مفهوم الإغراق المعلوماتي.

مفهوم الإغراق المعلوماتي تفسير المقصود بـ”المعلومات”، والتي تكون على نطاق واسع جدًا وتشمل جميع التفاصيل والبيانات لموضوع معين دون أي قيود موضوعية أو متعلقة بالمحتوى.

ولا يتألف مفهوم “المعلومات” من حقائق يمكن التحقق منها فحسب، بل يشمل أيضًا أحكام قيمية وتنبؤات وإشاعات، وظهر مصطلح “الإغراق المعلوماتي” لأول مرة عن طريق آلفين توفلر عام 1964م كما ذكره أيضًا “بيرترام غروس” في كتابه “إدارة المنظمات” الصادر في نفس العام كما تعددت تعريفاته، لكن الأغلب وصف المصطلح بكونه “الصعوبة التي يواجهها الفرد في اتخاذ قرار في ظل وجود كم مفرط من المعلومات”.

ووصفت البروفسورة “شيري شبير” المصطلح في ورقة بحثية لها، مشيرة أن للفرد قدرة استيعابية معينة فإذا تجاوزت كمية المدخلات من المعلومات قدرة الفرد على معالجتها، يُحدث هذا الكم الكبير من المعلومات ظاهرة الإغراق المعلوماتي، نتيجة ارتباك الشخص وتشتت ذهنه بين كمية المعلومات الكبيرة التي تعرض لها، فتنخفض قدرته على اتخاذ القرارات السليمة.

وهنا يأتي دور نظم إدارة المعلومات في مساعدة صناع القرار في ظل التوافر الغزير للمعلومات، حيث تضم نظم وآليات معدة مسبقًا للتعامل مع البيانات القديمة والحالية والمستقبلية بهدف دعم وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وفي وقتها المناسب، نظرًا لأهمية اتخاذ قرارات فعالة مبنية على معلومات دقيقة في عملية الإدارة، كونها المؤشر الأساسي لقياس أداء المدراء والتفرقة بين قدراتهم.

فكلما تدرجت في المناصب الإدارية كلما أصبحت القرارات التي تتخذها أكثر حساسية وتأثيرًا على حاضر ومستقبل المنظمة.

أسباب الإغراق المعلوماتي

تتعدد الأسباب المتفق عليها للإغراق المعلوماتي، وتتركز جميعها على توافر كميات كبيرة من البيانات بدرجة يصعب فيها التفرقة بين ما هو صحيح وما هو خطأ إضافة إلى عشوائيتها وافتقارها إلى التنظيم، والتي يترتب عليها عدم قدرة الفرد على التفرقة بين مصادر البيانات الموثقة وغير الموثقة وبالتالي اتخاذ قرارات أقل دقة وفاعلية.

الآثار السلبية للإغراق المعلوماتي على الاستثمار

يعاني المستثمرون من تبعات الإغراق المعلوماتي، طبقًا لدراسة أجرتها الباحثتين “جولي أجينو” و”ليزا سبيكمان” بكلية إدارة الأعمال بجامعة “فيرجينيا”، والتي كشفت أن هناك نحو 94% من المستثمرين يعانون من التبعات السلبية الإغراق المعلوماتي عند اتخاذ القرارات الاستثمارية، ويتمثل ذلك في عدم القدرة على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمعلومات المزيفة لكثرة تداولها، ويكثر حدوث تلك المشكلة أثناء عمليات تداول الأسهم.

وقد يعتمد المستثمر على توصيات مزيفة تستند إلى بيانات خاطئة أو مضللة أو مبالغ فيها إلى حد كبير، ويربط البعض بين الإغراق المعلوماتي وبين المخطط المعروف “بالإغراق والضخ” Pump and Dumb، وهو مخطط للتلاعب بسوق الأسهم عن طريق رفع سعر بعض الأسهم والأوراق المالية من خلال توصيات مزيفة، حيث يكون لدى القائم على المخطط عدد ثابت من الأسهم في شركة معينة يرغب في بيعها بعد ارتفاع سعر السهم عقب تحقق أهداف ذلك المخطط المضلل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى