تصميم المطبخ الموريتاني… دمج بين العراقة والحداثة في قلب البيت

يُعد المطبخ في الثقافة الموريتانية أكثر من مجرد مكان لإعداد الطعام؛ فهو مركز الحياة الأسرية والاجتماعية، حيث تلتقي العائلة وتتناقل الأجيال أسرار الوصفات التقليدية، ومع تطور أساليب البناء والحياة اليومية، نشهد اليوم تصاميم مطابخ موريتانية تمزج بين الطابع التقليدي واللمسات العصرية، مع الحفاظ على هوية المطبخ كرمز للضيافة والدفء.
الأجواء التراثية: الألوان والمواد الطبيعية
-
ألوان الأرض والذهب: تعتمد المطابخ التقليدية في موريتانيا على درجات البيج والرملية التي تعكس لون الصحراء، مع لمسات صفراء أو ذهبية مستوحاة من الزخارف الإسلامية وتعابير الفنون المحلية.
-
الأخشاب المصقولة والحجر المحلي: تُستخدم الأخشاب المحلية في تركيب الخزائن والمقاعد، بينما يكسو حجر البازلت العديد من الأسطح الأرضية والجدران الداخلية للمدافئ المدمجة.
التخطيط الوظيفي: تقسيم المساحات بذكاء
-
زاوية التحضير (المتينا): منطقة مخصصة لفرم الخضروات والبهارات— غالبًا ما تُزيَّن بطاولة رخامية صغيرة وأرفف مفتوحة لأواني الطهي التقليدية من النحاس.
-
موقد الفحم أو الغاز (المكان الكهربائي): يتوسط المسجد أو الجدار الجانبي، ويعَدُّ عنصرًا أساسيًا للطهي البطيء على نار هادئة، ما يحافظ على نكهة الأطباق الشعبية مثل الكسكس والطاجين.
-
حوض الغسيل (النافورة): يُصمم عادةً بحوضين من السيراميك الأبيض، مع صنابير منخفضة لتسهيل غسل الأواني الكبيرة وأواني تقديم الشاي.
اللمسات العصرية: دمج التكنولوجيا والرُقيّ
-
أجهزة المطبخ الذكية: باتت الثلاجات الفريزر المُدمَجة والأفران متعددة الوظائف (بخاري، شواية، وميكروويف) شائعة في المنازل الحضرية، مع المحافظة على الشكل التقليدي للأثاث الخارجي.
-
الإضاءة الدافئة: تُركَّب مصابيح مخفية أسفل الخزائن العلوية، إلى جانب ثريات معدنية من النحاس المنقوش، لتوفير إضاءة مريحة عند الطهي وتناول الشاي.
عناصر زخرفية تعبر عن الهوية
-
الفخار المزخرف: توضع أقداح الشاي وفناجين القهوة في رفوف مفتوحة من الخشب المصقول، تبرُز النقوش الزرقاء والأخضر الداكن.
-
المرايا والزخارف النحاسية: تُزيَّن الجدران بألواح نحاسية محفورة بالخط العربي وأشكال هندسية، تعكس ضوء المصابيح وتضفي حيوية على المساحة.
المطبخ كمركز اجتماعي
في كل بيت موريتاني، يبقى المطبخ المكان الذي تحتشد فيه العائلة عند المساء لتحضير “الميدقة” (الكسكس) أو “الطاجين” الفاخر، وتتبادل النساء الأحاديث بينما يغلي القدر. ومع التطور العمراني، لم يفقد المطبخ هذه الروح؛ بل أصبح أكثر انفتاحًا، أحيانًا يندمج مع صالة الجلوس عبر جزيرة أو بار منخفض، تسمح للضيف بالمشاركة في طقوس الضيافة.